الفيفا يوجه رسالة للمنتخبات المشاركة في كأس العالم: “توقفوا عن انتقاد قطر!”

تنفرد نسخة كأس العالم قطر 2022 بالكثير من الأرقام القياسية المُثيرة. أولًا، تُعد هذه النسخة هي الأغلى في تاريخ البطولة وربما في تاريخ الألعاب الرياضية قاطبة حيث أنها تكلفت أكثر من 220 مليار دولار، في حين أن العشر نسخ الماضية لم تصل مُجتمعةً إلى هذا الرقم القياسي! ومع ذلك، صرح مسؤولو قطر مرارًا أن هذه الميزانية الضخمة ذهب أغلبها إلى تطوير البنية التحتية في قطر وتعزيز الاستدامة في هذه الدولة الخليجية الصغيرة. من ناحيةٍ أخرى، تُعد بطولة كأس العالم FIFA 2022 في قطر هي الأولى التي تستضيفها منطقة الشرق الأوسط منذ نشاة هذه البطولة، وكذلك هي أول نسخة في تاريخ البطولة يتم إقامتها في فصل الشتاء، والنسخة الأخيرة التي تتضمن 32 فريقًا حيث سيتم زيادة هذا العدد بدايةً من النسخة التالية إلى 46 فريقًا. بالإضافة إلى ذلك، ستكون هذه البطولة هي الأخيرة للاعب الأرجنتيني الأسطوري ليونيل ميسي لذا فإن الجمهور ينتظر هذه البطولة بفارغ الصبر وخاصة جمهور المراهنين الذين هم في بحث مستمر عن أفضل موقع مراهنات رياضية.

على الرغم من كل هذه الحقائق المُثيرة إلا أن استضافة قطر لبطولة كأس العالم 2022 حصلت على كم هائل من الانتقادات من جمعيات حقوق الإنسان، ومُجتمع الميم، وحتى المنتخبات المشاركة والفيفا نفسها حتى أن رئيس الفيفا السابق جوزيف بلاتر كان قد صرَّح بأن اختيار قطر لاستضافة كأس العالم كان أكبر غلطة في تاريخه!

الأسباب الرئيسية وراء هذا الكم الهائل من الانتقادات هو أن قطر لا تمتلك أي تاريخ في كرة القدم حتى أن منتخبها يعتمد بالكامل تقريبًا على اللاعبين الأجانب. أما المشكلة الأبرز فهي حقوق العمال حيث أن هناك الكثير من الأخبار المُتداولة حول المعاملة غير الآدمية للعمال والعمل لساعات طويلة وعدم دفع الأجور والرواتب في المواعيد المُحددة وكذلك الكثير من الوفيات الناتجة عن سوء بيئة العمل والإجهاد. من ناحيةٍ أخرى، لا تمتلك قطر مناخًا مناسبًا لاستضافة بطولة بحجم كأس العالم وهي المشكلة التي حاولت الدولة الخليجية الصغيرة حلها من خلال استخدام مكيفات الهواء في الأماكن المفتوحة، وبالطبع هذا الأمر يضر بالبيئة ويُزيد من مشكلة الاحتباس الحراري! علاوة على ذلك، كان هناك الكثير من المزاعم بالرشوة بين لجنة ملف قطر وأعضاء الفيفا. نظرًا لأن قطر هي دولة خليجية مُتحفظة فإنها أعلنت عن قائمة طويلة من الممنوعات على ضيوفها خلال فترة استضافتها لبطولة كأس العالم والتي تتضمن منع المشروبات الكحولية، والملابس غير المُحتشمة، وإظهار الحميمية في الأماكن العامة، وكذلك منع رفع علم مُجتمع الميم وهو ما أثار حفيظة جماعات حقوق الإنسان حول العالم.

ومع ذلك، من ناحيةٍ أخرى، من منظور التسويق فإن كل هذه الانتقادات ساهمت في تعريف لفت نظر جميع الأشخاص حول العالم (حتى غير مُشجعي كرة القدم) إلى هذه البطولة.

الفيفا توجه رسالة للمنتخبات المشاركة في مونديال قطر

بعدما حصلت المنتخبات المشاركة في بطولة كأس العالم قطر 2022 على بطاقات التأهل فإنها لم تتوانى عن انتقاد قطر على الصعد الأيديولجي والسياسي، لدرجة أن بعض المنتخبات هددّت بالإنسحاب تمامًا من البطولة.

تركزت انتقادات المنتخبات المُشاركة على حقوق مُجتمع الميم والمخاوف بشأن معاملة العمال المُهاجرين أيضًا. لذلك وجهت الفيفا رسالة إلى كل المنتخبات المشاركة في البطولة تدعوهم فيها إلى التركيز على البطولة نفسها قائلة: “من فضلكم، دعونا الآن نركز على كرة القدم”.

وأضافت في الرسالة: “نحن نعرف أن كرة القدم لا تعيش في فراغ ونُدرك بنفس القدر أن هناك الكثير من التحديات والصعوبات في جميع أنحاء العالم، ولكن لا تسمحوا لكرة القدم أن تصبح ساحة للمعارك الأيدلوجية او السياسية. بالإضافة إلى ذلك، من المهم أيضًا ألا يُعطي أي طرف للطرف الآخر دروسًا أخلاقية” وفقًا لما ذكرته رويترز.

أصدر جياني إنفانتينو بيانًا صحفيًا ذكر فيه أن “أعظم ميزات العالم أنه مكان متنوع بشكلٍ كبير، وبالتالي فإن احترام هذا التنوع هو الضرورة الحتمية على الجميع. لا يوجد شعب أو ثقافة أفضل من نظرائها”

واستكمل: “كان الهدف من كرة القدم دائمًا هو تبادل الثقافات وإظهار مفاهيم الروح الرياضية والعمل الجماعي وعدم التمييز والاحترام المتبادل. هذه هي المبادئ لكل من كرة القدم والحضارة الإنسانية. لذلك، من فضلكم، دعونا نتذكر ذلك جميعًا ونضع كرة القدم في بؤرة التركيز”.

ومؤخرا فقد وجّه جياني إنفانتينو انتقادْا لاذعًا لدول أوروبا بسبب اعتراضها المستمر على اقامة المونديال في قطر، قائلًا: “ان تصريحات بعض الدول الاوروبية بما يخص وضع العمال تنم عن نفاق”، وشدد على أن أوروبا بحاجة إلى الاعتذار للناس قبل أن تعطي دروسًا للآخرين. وأضاف إنفانتينو في مؤتمر صحفي عقد بالمركز الإعلامي للبطولة بالدوحة يوم السبت أن  قطراستقبلت ورحّبت بالمهاجرين والعمال الأجانب من جميع أنحاء العالم عندما أغلقت أوروبا أبوابها في وجههم، وأشار إلى أن قطر دولة مستقلة ذات سيادة ولا تحتاج إلى تدخلات أو نصائح خارجية. 

وأضاف قائلًا: “ما يحدث الآن ليس عادلاًعلى الإطلاق… فكأوروبيين،علينا أن نعتذر للعالم على مدى ثلاثة آلاف سنة مقبلة، على ما فعلناه خلال الثلاثة آلاف سنة الماضية فهذه الدروس والتدخلات ليس نحن من نعطيها للآخرين”.  

وأشاد رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم بتعامل قطر مع العمال الأجانب فهي تعطيهم الأمل في الحياة عن طريق تأمين فرص عمل لهم، وأن ما يكسبه هؤلاء العمال في قطر يساعدهم على تأمين حياة كريمة لهم ولدعم أسرهم في بلدانهم.

من هي المنتخبات التي وجهت انتقادات لقطر؟

خلال الأسبوع الماضي، وجه المنتخب الأسترالي انتقادات لقطر صراحةً في ملف حقوق الإنسان وتضييق الخناق على أعضاء مُجتمع الميم.

في سياقٍ متصل، صرح الاتحاد الدنماركي لكرة القدم أن لاعبي المنتخب سوف يحضرون البطولة دون اصطحاب عائلاتهم أو زوجاتهم احتجاجًا على سجل حقوق الإنسان في قطر.

من ناحيةٍ أخرى أكَّد كل من مسؤولو الدولة القطرية ومنظمو بطولة كأس العالم أن الجميع هنا مُرحب بهم، ولكنهم حذروا أيضًا من إظهار الحميمية في الأماكن العامة.

رد مسؤولو الدولة القطرية على الانتقادات التي توجه لدولتهم على أنها “مُبالغ فيها” ووعدوا بأن تكون هذه النسخة هي الأفضل على الإطلاق في تاريخ بطولة كأس العالم. ومع ذلك، أقرت قطر بوجود ثغرات في نظام العمل الخاص بها نتيجة رغبتها في إتمام بناء كل المنشآت اللازمة لاستضافة بطولة كأس العالم في مواعيدها المُحددة، ومع ذلك فإنهم وعدوا بتقديم الدعم الملائم للعمال الذين تأذوا على أراضيها.

مقالات ذات صلة