ما المقصود بفصل الدين عن الحياة

ما المقصود بفصل الدين عن الحياة، حين أنزل الله نبيه محمدًا برسالته وجعله خاتمًا للأنبياء والمرسلين، جعل الدين الذي أُرسل به صالحًا لكل زمان ومكان ، فهو شريعة الله التي ارتضاها لعباده وصراطه المستقيم التي أمرهم باتباعها دون حيد أو انحراف، ولكن مع تقدم الحياة والخروج من زمن الصحابة والتابعين والخلفاء وصولًا إلى هذا الزمن وجد الكثير ممن نادوا بضرورة فصل الدين عن الحياة في كل المجالات وليس فقط في السياسة، مما أوجد العلمانية التي تُشير إلى الدولة المدنية القائمة على المساواة بين المواطنين بصرف النظر على الانتماء الديني وعن تدخل الدولة في دعم دين فئة عن دين فئة أخرى.

ما المقصود بفصل الدين عن الحياة

أرسى الله سبحانه وتعالى الدين الإسلامي لخلقه وتحدثت العديد من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية أن الله لا يقبل من عباده دينًا غير الدين الإسلامي الذي جاء برسالته محمد صلى الله عليه وسلم وقد مثل هذا الدين الصراط المستقيم للعباد والتزموا أمره وانتهوا عما نُهي عنه في تفاصيله، حتى جاءت العصور الوسطى وبرزت العلمانية التي تُطالب بحرية ممارسة الأديان المختلفة بدلاً من إعطاء الأولوية لدين واحد وطالبت بدمجها في المؤسسات الحكومية وقيادتها.

أُطلق على هذا التوجه بأنه مذهب علماني مدني يهتم بإبعاد الأديان والطوائف والمذاهب عن البرامج الحكومية سواء في التعليم أو السياسة أو التجارة أو المؤسسات، وأنه ليس من الضرورة بمكان فرض تعاليم دين واحد على المواطنين من ديانات مختلفة، حتى لو كان معظم الناس يتبعون هذا الدين، ونادوا بإمكانية أن يكون رئيس الدولة أو قيادتها من ديانة أخرى غير الدين الذي تكون عليه الغالبية فمثلًا لا حرج أن يتولى شئون بلاد المسلمين رجلًا من غير طائفتهم الدينية أي “الإسلام” فمن الممكن أن يكون مسيحيًا أو غيره وأن الأهم هو أن يُطبق القوانين المدنية بالمساواة بين أفراد المجتمع كلهم.

العلمانية الدنيوية

وفقًا للقواميس المختلفة في الجامعات العالمية فإن العلمانية تُشير إلى عدم قيام التعليم والأخلاق على أساس ديني صرف وإنما على أساس معرفي، بمعنى لا سياسة في الدين ولا دين في السياسة وقد تم ترويجها كذلك لتكون مقبولة على هذا لدى المسلمين.

والحقيقة أن هذا المعنى يتفق مع الديانة المسيحية بشكل أكبر من اتفاقه مع المبادئ والتعاليم الإسلامية التي تقول :” إن الدين عند الله الإسلام” فالنصرانيين فرقوا في السلطات بين سلطة الدولة وسلطة الكنيسة إذ اعتبروا أن سلطة الدولة والأحكام فيها تكون للقيصر الذي يقود البلاد بينما سلطة الكنيسة هي لله الذي أنزل الدين على أنبيائه، وقد بدا ذلك واضحًا فيما يُنسب للسيد المسيح في الكتب :” أعط ما لقيصر لقيصر، وما لله لله”.

الدين الاسلامي دين حياة

وعلى عكس ما تُنادي به النصرانية ومروجي العلمانية القائمة على فصل الدين عن الحياة في كل الجوانب فإن الإسلام يرى أن المسلم كله روحًا وجسدًا وحياة ومبادئ كلها لله جل وعلا الذي أبدع خلقه وأرسى خلافته في الأرض ومهد لاستقراه فيها ليؤدي أمانته بنشر الدعوة ونشر الدين ويتبين ذلك في قوله تعالى :” قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين” فالإنسان المسلم كله لله الذي خلقه وكوّنه ومنحه خلافته في الأرض.

وعلى الرغم من ذلك فإن المنادين بالمدنية بدلًا من الدين يؤكدون صدق مطالبهم بالحالة التي وصلت إليها عملية التقديس في الدين الإسلامي والتي بدلًا من تقديس الله وكتابه ونبيه الذي أُنزل بدأ التقديس لكبار العلماء والفقهاء وقيادات التنظيمات التي تقول أنها تؤدي شرع الله وهذا مخالف ويُعطي لهم ما ليس لغيرهم من المدنيين.

فصل الدين عن الحياة الاجتماعية

يُحاول البعض إلى التخلي عن نظرية العلمانية التي تُشير إلى إبعاد الدين عن تفاصيل الحكم وعدم إدخالها في مبادئه وأحكامه وقوانينه والعمل فقط المناداة بفصل الدين عن الحياة الاجتماعية فقط، فهم يُقرون باحترام الدين وقيمته والعمل على حمايته من الذين يستغلونه لتحقيق مصالحهم الشخصية ويُطالبون بأن لا يكون أداة في تحقيق أهداف المتسلطين على الناس والشعوب فلا يكون أداة بيد الحاكم يُنفذ بها مصالحه الشخصية باسم الدين فيخرجه من البوتقة الحقيقية التي تحفظ الحقوق للجميع على أصل المساواة أمام الله إلى تحقيق أهدافه على أساس عنصري أو طائفي، فينصر طائفة على أخرى ويُحقق مبتغاها دون الآخرين مما يُشيع الفتن ويُهلك النفوس بدلًا من حفظها.