من هو الزعيم الشيعي مقتدى الصدر الذي أثار قراره بالاعتزال توترا في البلاد؟

من هو الزعيم الشيعي مقتدى الصدر الذي أثار قراره بالاعتزال توترا في البلاد؟، بعد ان اعلن الصدر الاعتزال النهائي لحلبات السياسية قامت الدنيا ولم تقعد في العراق جاء إعلان رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر عن التقاعد السياسي الدائم في مرحلة حساسة يمر بها العراق. وكان الصدر أعلن قرار اعتزاله في تغريدة على موقع التواصل الاجتماعي تويتر. وأشار الصدر إلى أنه قرر إغلاق جميع المؤسسات التابعة للتيار الصدري، باستثناء “العتبة المقدسة ومتحف النبلاء وجمعية الصدر”. يمثل التيار الصدري كتلة كبيرة في الشارع العراقي، وكان قد فاز بأكبر كتلة في انتخابات أكتوبر الماضي، قبل أن يستقيل نوابه من البرلمان في ظل الخلافات حول تشكيل الحكومة الجديدة. رفضهم ترشيح السياسي محمد السوداني لمنصب رئاسة الوزراء، في رسالة تحد واضحة للقوى الشيعية الأخرى التي طرحت اسم السوداني في حزيران (يونيو) الماضي، استقال نواب التيار الصدري في مجلس النواب بشكل جماعي بتوجيه منه يبدو أن قرار التقاعد للصدر سيكون له تأثير كبير على المشهد السياسي في البلاد، حيث أنه في كل استحقاق سياسي أو أزمة يعاني منها العراق، يتجه الأنظار إلى الصدر الذي يحظى بشعبية كبيرة، فما هو السر وراء هذه الشعبية التي لا مثيل لها

من هو الزعيم الشيعي مقتدى الصدر الذي أثار قراره بالاعتزال توترا في البلاد؟

الصدر، الذي ينحدر من عائلة دينية بارزة، يتمتع بنفوذ كبير في العراق، ظهر بعد الغزو الأمريكي للبلاد عام 2003، عندما اتسمت مواقفه بمعارضة الوجود العسكري الأمريكي لقد دعا الصدر ذات مرة إلى ثورة وطنية ضد القوات الأجنبية، وأرسل ميليشياته المسلحة لمواجهة “الغزاة”، وفي أوقات أخرى بدا أكثر اعتدالاً حيث سعى للعب دور سياسي داخل العراق الجديد ويعتبر الصدر البالغ من العمر 47 عاما شابا مقارنة برجال الدين الشيعة الآخرين المؤثرين في العراق في نظر مؤيديه، حكمته تتجاوز بكثير سنواته أما خصومه فيريون أنه يفتقر إلى الخبرة السياسية والدينية، ويعتبرونه متشددًا يهدف إلى السيطرة على المؤسسة الدينية الشيعية في العراق يخلط الصدر بين القومية العراقية والميول الدينية، مما جعله يحظى بشعبية لدى الكثير من الشيعة الفقراء والبسطاء في العراق.

مقتضى الصدر وش يرجع

مقتدى الصدر هو الابن الأصغر لآية الله محمد صادق الصدر، المرجع الشيعي ومؤسس حزب الدعوة، الذي قتل على يد نظام صدام حسين كشف انهيار نظام صدام حسين عام 2003 عن مكامن قوة التيار الصدري المتمثل في شبكة من المؤسسات الخيرية التي أسسها والده في الأسابيع الأولى التي أعقبت الغزو الأمريكي للعراق، انتشر أنصاره في شوارع الأحياء الشيعية الفقيرة في العاصمة بغداد، ووزعوا الطعام كما تم تغيير اسم أكبر حي شيعي في العاصمة بغداد من “مدينة صدام” إلى “مدينة الصدر صحيح ان الصدر كان غامضا عندما بدأ الغزو الامريكي للعراق، ولكن بعد وقت قصير من بدء الغزو ظهر الرجل على الساحة العراقية وبمجرد أن خفت قبضة صدام حسين، شرع الصدر في تفعيل الشبكات والمعرفة التي ورثها عن والده آية الله العظمى محمد صادق الصدر، الذي كان يحظى باحترام كبير في الأحياء الشعبية المهمشة في بغداد والمدن الجنوبية ربما يكون من المستحيل فهم جاذبية مقتدى الصدر المثبتة وشعبية دون الرجوع إلى خلفيته الدينية البارزة في عائلته كان والده محمد صادق الصدر ووالده آية الله العظمى محمد باقر الصدر من الشخصيات الدينية الموقرة التي رعت شبكات رعاية اجتماعية قوية بين الشيعة الفقراء، مما أغضب صدام حسين كلاهما قابل موتًا عنيفًا ؛ بينما تم إعدام محمد باقر الصدر وشقيقته آمنة الصدر على يد النظام عام 1980، اغتيل محمد صادق الصدر واثنان من أشقاء مقتدى الصدر عام 1999 في هجوم إطلاق نار نفذه مسلحون يُعتقد أنهم عملاء صدام حسين.

لذلك كانت قيم التضحية والاستشهاد والخدمة الاجتماعية جزءًا لا يتجزأ من الإرث الذي حمله الشاب مقتدى الصدر، الذي كان يبلغ من العمر ثلاثين عامًا وقت الغزو الأمريكي غالبًا ما كان يظهر مقتدى في الصور التي تضم متوسط ​​هذين المرجعين البارزين، وجميعهم يرتدون عمائم سوداء، للإشارة إلى انحدار نسبهم من نسل آل النبي محمد في بعض الأحيان، كان مقتدى يرتدي كفنًا أبيض للدلالة على استعداده للاستشهاد، مقدمًا صورة قوية ومؤثرة للغاية للجماهير الشيعية الموالية.

طالع ايضا ارتفاع قتلى المنطقة الخضراء إلى 15 متظاهرا وإصابة 350

جيش المهدي الشيعي

في يونيو 2003، أنشأ الصدر ميليشيا تسمى “جيش المهدي” لمعارضة استيلاء قوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة على العراق كما أعلن تشكيل حكومة منافسة لمجلس الحكم العراقي المعين من قبل الولايات المتحدة ومع ذلك، فشلت هذه الخطوة أنشأ الصدر جريدة الحوزة المتحدث الأسبوعية في 28 مارس 2003، أعلنت قوات التحالف حظرًا لمدة 60 يومًا على الصحيفة، متهمة إياها بتشجيع أعمال العنف ضد الولايات المتحدة على عكس القادة الشيعة المعتدلين مثل آية الله علي السيستاني، طالب الصدر بأن يلعب القادة الشيعة دورًا في تشكيل الحياة السياسية في العراق قال متحدث باسم الصدر في أواخر عام 2003 إنه يعتزم إنشاء حزب سياسي لخوض الانتخابات العامة الأولى التي كان من المقرر إجراؤها في كانون الثاني (يناير) 2004 لكن الصدر عاد لمهاجمة إياد علاوي، رئيس الوزراء آنذاكالحكومة العراقية المؤقتة قائلة انها مجرد استمرار للاحتلال بقيادة الولايات المتحدة رفض أنصار الصدر المشاركة في مؤتمر وطني، تم تأجيله حتى منتصف آب (أغسطس) 2004، لاختيار مجلس وطني قال أنصاره إن مقعدًا واحدًا لا يكفي للتعرف على منظمة تضم الآلاف من الأعضاء.

مذكرة توقيف الصدر مع غزو العراق

في أبريل 2003، بعد يومين فقط من سقوط بغداد، اتُهم أنصار الصدر بقتل عبد المجيد الخوئي، زعيم شيعي معتدل تعاون مع الحكومتين الأمريكية والبريطانية من المنفى، وأصدر قاضٍ عراقي أمر اعتقال مذكرة بحق الصدر ومع ذلك، نفى الأخير علاقته بتلك الجريمة كما اشتبك أنصار الصدر مع أنصار آية الله السيستاني، الذين برزوا على الساحة استعدادًا لتسليم السلطة إلى العراقيين في 30 يونيو 2003 وأدان الصدر الهجوم على مقر الأمم المتحدة في بغداد في أغسطس 2003 كما زار إيران المجاورة واجتمع مع كبار المسؤولين في طهران تعود شعبية مقتدى الصدر إلى القبول الذي يحظى به بين الفقراء والمهمشين الشيعة لكن بعض العراقيين يرونها أيضًا رمزًا لمقاومة الاحتلال الأجنبي.

معارك جيش المهدي ضد الأمريكيين

أثار القتال بين القوات الأمريكية وجيش المهدي في مدينتي النجف وكربلاء غضب العديد من القادة الشيعة المعتدلين  وخاض جيش المهدي معارك ضد القوات الأمريكية في النجف والكوت ومدن عراقية أخرى كما اتهم جيش المهدي بعمليات خطف وقتل وتعذيب خلال المواجهات الطائفية في العراق التي بلغت ذروتها في عامي 2006 و 2007 واختبأ الصدر لفترة في عام 2006 بعد سفره إلى إيران بعد صدور مذكرة توقيف بحقه له في تلك السنة كان الصدر قد أمر بحل جيش المهدي في أغسطس 2008، بعد أن قاد رئيس الوزراء آنذاك نوري المالكي حملة عسكرية ضد الميليشيا انتهت في البصرة في مارس 2008  لكن الصدر تصالح مع المالكي في وقت لاحق، وكان له الفضل في الحصول على المالكي لولاية ثانية عام 2010  شارك التيار الصدري في حكومة المالكي، وحصل على عدة حقائب وزارية بعد انتخابات 2010  وبعد أن اندلعت مظاهرات في محافظة الأنبار غربي العراق ضد حكومة نوري المالكي عام 2013، دعا الصدر أنصاره إلى دعم الاحتجاجات ضد المالكي طالما كانت سلمية.

علاقة الصدر بايران

الصدر هو أحد القادة الشيعة العراقيين القلائل الذين ابتعدوا عن إيران، حيث انتقدها في كثير من الأحيان بسبب تدخلها في كل من سوريا والعراق بل إنه زار المملكة العربية السعودية، خصم إيران الإقليمي، في عام 2017 كما دعا الرئيس السوري بشار الأسد، حليف إيران، إلى “قرار تاريخي بطولي” بالتنحي عن السلطة، لتجنيب بلاده المزيد من إراقة الدماء ومع ذلك، بين عامي 2007 و 2011، تردد الصدر على إيران، حيث درس في مدرسة قم، في محاولة لتطوير مؤهلاته الدينية في سبتمبر 2022، ظهر الصدر جالسًا إلى جانب المرشد الأعلى الإيراني، آية الله علي خامنئي، وإلى يساره، العقل المدبر للتوسع الإقليمي لإيران، وقائد فيلق القدس في الحرس الثوري، قاسم سليمانيوهي الصورة التي أثارت جدلا كبيرا في معظم أنحاء العراق لكن كاتب سيرة مقتدى الصدر، باتريك كوكبيرن، لا يرى أي تناقض حقيقي في كل هذا “لقد اتخذ مقتدى ووالده مقاربة متسقة إلى حد كبير كقادة دينيين شعبويين داخل السياسة العراقية تحكمها مراكز قوة متعددة في الداخل والخارج، مما يعني أن هناك ليس عدوًا دائمًا أو صديقًا دائمًا، ففي انتخابات 2022 منع الصدر أيًا من نوابه البالغ عددهم 34 نائباً من الترشح للبرلمان مرة أخرى، وقاد قائمة ناجحة، الأمر الذي كان مذهلاً لما يُفترض أن يكون كيانًا شيعيًا من رجال الدين، و شمل شيوعيين وعلمانيين وسنة وهذا التحالف سابقة لم يعرفها العراق، ويذكر كوكبيرن في كتابه أن صديق رئيس الوزراء السابق عادل عبد المهدي حذره من الصدر في وقت مبكر عام 2003، عندما كان عبد المهدي سياسيًا شيعيًا طموحًا، بقوله “احذروا مقتدى، فهو يملك الشارع بعد كل تلك السنوات، يبقى هذا هو الحال، ويبقى الصدر كما يبدو شخصية صعبة في المعادلة السياسية في العراق، ويبقى السؤال ما هي نتائج قراره التقاعد على الساحة السياسية في البلاد